News and Interviews

نرمين طاحون تكتب: المستثمر المحلى.. والتدفقات الخارجية

جذب مزيد من الاستثمارات وحسب ليست العبرة وحدها، ولكن المضمون الحقيقى والهدف الاسمى لدى أى اقتصاد يرتكز على حجم الاستثمارات المباشرة الفعلية، والتى تسهم بالفعل فى خلق المزيد من فرص العمل عبر تأسيس المشروعات الجديدة أو تعزيز الاستثمارات القائمة، مما يصب فى صالح خطط الدولة التنموية وتهيئة بيئة كريمة لجميع المواطنين.

هل السوق المصرى مؤهلة لجذب الاستثمارات المباشرة؟، الإجابة “نعم” فالسوق المصرى منصة خصبة للاستثمارات المباشرة سواء المحلية أو الأجنبية، لاسيما مع استكمال الحكومة برنامج الإصلاح على الصعيدين التشريعى والاقتصادى، وبالتزامن مع جنى ثمار هذا الإصلاح ووصولاً لمنظومة عادلة يصل عبرها الدعم لمستحقيه، تتنامى الفرص الاستثمارية بجميع القطاعات لاسيما القطاعات المرتبطة بالكثافة السكانية المتزايدة والطبيعة الاستهلاكية للمواطنين، فضلاً عن قطاعات الطاقة والبترول، خاصة فى ظل الاكتشافات الأخيرة.

ولكن يتجلى سؤال أهم هل تقتصر تلك الفرص على المستثمرين الأجانب فقط، بالطبع لابد أن تكون الأولوية للمستثمرين المحليين والقطاع الخاص الذي يعد قاطرة النمو والانطلاق خلال الفترة المقبلة، ولكن ليست جميع استثمارات القطاع الخاص تصب بالفعل فى صالح الاقتصاد، فهناك بعض الاستثمارات التي تبحث عن الربح فقط دون الوعي بضرورة مساهمة تلك الاستثمارات فى تحسين بيئة آدامية للمواطنين.

ومن هنا تأتى أهمية تعزيز دور القطاع الخاص فى رفع معدلات النمو عبر التأكيد على مفهوم الشراكة مع القطاع العام، كخطوة لتخفيف العبء عن ميزانية الدولة والمساهمة فى تنمية بعض القطاعات لاسيما قطاع السكك الحديدة و قطاع الصحة والتعليم.

وخلال السنوات الماضية خاصة أثناء تولى مهام الاستشارات القانونية بوزارة المالية طالبنا بضرورة تعزيز مفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، باعتباره السبيل الرئيسى للنمو الاقتصادى، وتحقيق التنمية المستدامة، ولكن ومازال القطاع الخاص فى معزل تمامًا عن هذا الدور مقابل البحث عن الاستثمارات ذات الربحية بهدف تحقيق العوائد الشخصية فقط، والاكتفاء بالأموال التى تخصص تحت بند المسؤلية الاجتماعية وحسب.

فزيادة حجم الاستثمارات المحلية وتهيئة مناخ الاستثمار سواء على الصعيد التشريعية وتيسير الإجراءات أو الحوافز المباشرة تعد الضوء الأخضر لتمهيد الطريق لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وزيادة حصة مصر من التدفقات الموجهة للأسواق النامية، عبر زيادة ثقة المؤسسات والصناديق الأجنبية فى السوق المصرى وقدرتها على النمو والسير قدمًا لتحقيق عدالة اجتماعية مرتكزة على ضلعين أساسين إحدهما ممثلاً فى القطاع الخاص وآخر يمثل الحكومة.

بجانب تهيئة بيئة استثمار جاذبة عبر تذليل جميع العقبات التى تعرقل عجلة الاستثمار بداية من طول الإجراءات ومروراً بتخارج الأموال والأرباح، يأتى أهمية دور الترويج النشط والفعال للفرص الاستثمارية بجميع القطاعات عبر تنظيم جولات ولقاءات مباشرة مع كبرى الصناديق والمؤسسات، فضلاً عن وضوح الملامح الرئيسية للسياسة المالية والنقدية للدولة، والتى تساعد بدورها المستثمرين على تشكيل خطة استثمارية طويلة الأجل يستطيعوا من خلالها اقتناص الفرص المتاحة وتحقيق العوائد من ناحية، والمساهمة فى رفع معدلات النمو من ناحية أخرى.
وهنا يتجلى سؤال نريد أن نجد إجابة واضحة له، هل استطعنا بالفعل جني ثمار هذة الاصلاحات التشريعية والاقتصادية، بالرجوع للأرقام فمازالت معدلات الاستثمارات الإجنبية ضئيلة للغاية مقارنة بحجم الفرص الاستثمارية المتنامية بمختلف القطاعات الاستثمارية، وضئيلة أيضًا مقارنة بالأهداف الاقتصادية المستهدفة عبر تنفيذ هذا البرنامج الإصلاحي.

نجحنا بالفعل من تنفيذ برنامج الإصلاح، واستطعنا نسبيًا من تجاوز تداعياته السلبية، ولكن مازال ينقصنا عنصر الترويج لهذة الاصلاحات والتعريف بالمقومات وعوامل الجذب التي تتمتع بها السوق المصرية على الصعيد السياسي والاقتصادي مقارنة بأسواق المنطقة.

فالتسويق هو المحور الرئيسي لبدء جني ثمار الاصلاحات الأخيرة، ومضاعفة معدل الاستثمارات الأجنبية المباشرة للتناسب مع حجم الفرص الاستثمارية الحالية، سواء من خلال اطلاق مؤتمرات محليًا وخارجيًا نستهدف من خلالها عقد لقاءات مع كبرى المؤسسات المالية والمستثمرين الأجانب بهدف مساعداتهم على اتخاذ القرار الاستثماري الذي يصب في صالح السوق ويترجم النظرة الإيجابية طويلة الأجل للاقتصاد المصري على أرض الواقع، يأتي ذلك بجانب المشاركة الفعالة بين الجهات المعنية من الحكومة والمختصة بالترويج للسوق المصرية خارجيًا، بجانب بنوك الاستثمار المحلية والتي تلعب دور حيوي وفعال لايمكن التغافل عنه في الترويج للسوق المصرية باعتبارها منصة استثمارية بين أسواق المنطقة.

وبالنظر بعين الاعتبار لأبرز التعديلات التشريعية والقوانين الجديدة، تتجلى عدة قطاعات استثمارية لتتصدر المشهد الاستثماري وعلى رأسها قطاع الطاقة، وذلك بدعم والغازالطبيعى ومشروعات البح ثوالتنقيب والتي تحظىب اهتمام واضح من قبل الشركات العالمية بدعم الاكتشافات العملاقة الأخيرة و في ظل القانون الجديد الذي يظم أنشطة سوق الغاز.

ولايمكن التغافل عن النقلة الاستثمارية المتوقع أن يشهدها قطاع السكك الحديد ، خاصة عقب إقرار مجلس النواب قانون20 لعام 2018،والذي يهدف لأول مرة لتمكين القطاع الخاص للمشاركة فى مشاريع السكك الحديد، بالإضافة لقطاع التعليم خاصةفي ظلال قانون الخاص إنشاء وتنظيم فروع للجامعات الأجنبية فى مصر والمؤسسات الجامعية، والذي يتيح الاستفادة من الخبرات التعليمية والبحثية لتلك الجامعات.

لاأحد يستطيع أن يتغافل أن الدور الذي لعبته خطط الإصلاح الاقتصادي والتشريعي في بيئة الأعمال، وتعزيز النظرة الإيجابية للسوق على المدى الطويل، ولكن لابد أن لا نكتفي بهذة الخطوات وأن نقوم بوضع الخطط الترويجية الفعالة التي تستهدف التعريف بالفرص الاستثمارية بهذة القطاعات والتي تعُد مُغرية لشريحة كبيرة من المستثمرين خلال الفترة الراهنة، خاصة في ظل التوقعات الرامية للعائد من الاستثمار فيها.